الاثنين، 24 يونيو 2013

الدب الطائر في عالم الادارة


الدب الطائر في عالم الادارة
هل نسبة الارباح ومبيعات الشركة هي المؤشر الوحيد لنجاح وضمان استمرارية الشركة في المستقبل القريب والبعيد؟ اكيد الاجابة لا!
وليس الارباح والمبيعات أو تسويق أو الرأسمال الضخم هي المؤشرات الوحيدة لنجاح وضمان استمرارية الشركة.
من الامكان ان نقول تللك العوامل هي جزء من العوامل المهمة للنجاح واستمرارية الشركة، ولكن هناك عوامل اخرى اكثر تعقيدا ولكي نشرحها لا بد من قصة خفيفة.
يحكى ان كان هناك جزيرة وكان فيها غابة، يعيش فيها دب ويقطن مع مجتمعه الحيواني، كان دب محبوبا وذكاءه مقبول، ناجح الى حدا ما في عمله وعلى الرغم من تلك الصفات التي كان يتمتع بها كان يعرف عن هذا الدب ببعض الغرور وضعف في الرأي وغياب بعد النظر اضافة الى افكار عجيبة، 
وفي هذه الغابة كان هنالك بركان خمد لسنوات وعاد مؤخرا بنشر سحابات من الدخان في سماء الجزيرة معلناً ثوران بركاني، وانتشر الرعب والخوف من هذا البركان في تلك الغابة كما تنتشر النيران بالأعشاب الجافة وازداد الخوف من هذا البركان بعد معاينة والفحص الميداني من قبل الخبراء والعلماء لهذا البركان الملعون، حيث تم تأكيد على ان ثوران هذا البركان قريب جدا وسوف يغطي المنطقة الكثير من الرماد والسيول البركانية ولن يبقى احد حي مع هذه سيول البركانية، لذا يجب الهرب الى مناطق اخرى وافضل طريقة للهرب واستمرار في الحياة هي عن طريق الطيران،
وطبعا المجتمع الحيواني مقسم الى طبقات عدة الثري و متوسط الثراء والفقير حيث عملت الطبقة الثرية على استيراد الطائرات  من الدول المصنعة مثل ولايات المتحدة الامريكية وبعض من دول الاتحاد الاوروبي اضافة الى دول اخرى، وطبعا قد لاقت طلبات الاستيراد ترحيبا مبهرا من الدول المصدرة والشركات الصانعة، كانت غاية الحيوانات الغنية من هذه الاستيرادات تأسيس شركات تجني الارباح حيت اعتبرت الطبقة الغنية هذه فرصة للربح يجب اقتناصها، اما الطبقة متوسطة الثراء قررت ان هذه المشكلة خطرة يجب تفاديها وان يشتري كلا منهم تذكرة للسفر، اما الاكثر فقرا فقد اعتبروا انها ايضا خطرة و يجب تفاديها ولكن لا يملكون ثمن التذكرة فقرروا لجوء للأمم المتحدة التي دعونا نفرض جدلا انها عملت على مساعدة كل الفقراء في تلك الغابة،
ولم يبقى الا الدب الذي اعتبر انها فرصة للنجاح ويجب اقتناصها واعتبرها مشكلة خطرة يجب تفاديها وتجنبها ولكن كيف ذلك! ما هذا التناقض في ذات الوقت، نعم في ذات الوقت حيث اعتبر انها خطره ويجب تجنبها وذلك بالسفر ولكن ليس عن طريق الطائرات وعلى الرغم من ملكه للمال الكافي لتأسيس شركة، ولا عن طريق اللجوء للامم المتحدة، بل اعتبرها فرصة للطيران بنفسه من غير الات او اي شيء اخر انها فرصة لتظهر امكانياته على الطيران وانه الدب الطائر الوحيد الذي طار.
حاول كل الحيوانات في الغابة حتى الامم متحدة ودول الاجنبية وغير الأجنبية وجمعيات الرفق بالحيوان وغيرها على اقناعه بعدم منطقية هذه الفكرة ولكن لا جدوى تشبث برايه أكثر، كانت حجته انه اقوى من اي ظرف ممكن ان يواجهه لقد عاش في نجاح كبير في السنوات التي مرت واتخذ قرارات أكثر خطورة من هذا و كانت قرارته صائبة وهذا ما أعطاه بعض من الغرور، وهو في طريقه للنجاح الان وللطيران اعماه غروره، اصمه عن سماع كل من كان حوله.
رتب اغراضه وحزم حقائبه للسفر وانتقى قمة جبل عالية جدا لكي يستطيع الطيران وفي لحظات الاخيرة من صعوده للجبل ورميْ نفسه للطيران نصحه احد الحيوانات الحكيمة والتي تتميز ببعد النظر قائلا بما انك تستطيع الطيران من اي مكان مرتفع فلما لا تجرب ان تطير من مكان اقل ارتفاعا من تلك الجبال الشاهقة مثل الاشجار النخيل مثلا وهي مرتفعة كافية للطيران ودعنا نأخذ بعض الاحتياطات التي تؤمن على صحتك في حال عدم طيرانك ووقوعك ارضا مثل وسائد الهوائية واضاف الحيوان الحكيم وسوف تكون الخسائر اقل في هذه الحالة.
فكر الدب لوهلة هذا كلام صحيح، ولكن اعماه غروره مرة اخرى ليقول لا داعي لتلك احتياطات فأنا سوف اطير فعلا واجابه وهو معجب بنفسه سوف انتقي نخلة مرتفعة، تسلق الدب اعلى نخلة كانت موجودة في الغابة ورمى نفسه حاول الطيران اعتقد في لحظات ما قبل صدمته بالأرض انه طار ولكن ارتطامه بالأرض اسرع بكثير من شعوره انه طار، عند الارتطام بالأرض تجمعت حوله وكالات انباء فرق الصحفية واعلامية مع جمعيات الرفق بالحيوان والفرق الطبية والحيوانات  كانت قد سبقته الى مكان الطيران لتطمئن عليه ولتسعفه في حال لزم الامر على الرغم من ان الصدمة كانت كبيرة  للدب لكنه نجا، لقد تحطم كل شيء في هذا الدب واصيب جسمه بجروح وكسور حتى معنوياته تحطمت و تشققت .
كان هناك نجاح، سمعة طيبة وتسويق رائع ولكن كان هناك ضعف بالإدارة، تفرد بالرأي، كان اتخاذ القرارات بطريقة هوجاء مع غياب لبعد النظر وتفويت فرصة جني ارباح والتوسع اضافة الى اكتساب خسائر ممكن ان تعيق تقدمه  في المستقبل القريب ولم يكن هنالك اي تكيف مع متغيرات هذه الصفات رايتها في كثير من الشركات قد فشلت واعلنت افلاسها .
نعم الارباح والمبيعات هي من مؤشرات نجاح لأي شركة ولكن هذه المؤشرات ليست الوحيدة وغير كافية بتنبؤ مستقبل الشركة فكثير من الشركات اعلنت افلاسها على الرغم من ماضي عريق ومبيعات وارباح ممتازة اضافة الى سمعة جيدة وتسويق كفؤ وخير دليل على ذلك شركة W.T.GRANT ، اذ اعلنت افلاسها بعد ان حققت الشركة الكثير من الارباح حيث بدأت القصة عام1906، تم تأسيس الشركة وتوسعت واعتمدت على الربح البسيط اضافة الى دوران سريع في المخزون ادى الى مبيعات عالية وبالطبع الى ارباح عالية، حيث وصلت المبيعات في عام 1936 الى 100 مليون دولار وفي عام 1976 تم اعلان افلاس الشركة، كان افلاس الشركة ثاني اكبر افلاس في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية ويوجد هناك جدل كبير  في اسباب افلاس الشركة، منها المركزية وعدم التحقق من سياسات المتبعة المستحقات ممكن ان نستنتج فشل في ادارة التدفقات وتوزيعها بشكل استراتيجي بحيث يضمن استمرارية الشركة وايضا من الواضح لدي ان هنالك ضعف في الادارة اضافة الى اتخاذ القرارات يتم بشكل فردي .

شركة W.T.GRANT  كان من الممكن ان تستمر لو أنها اتخذت سياسات تصلح للواقع الذي كانت تمر به، وكذلك نرى تفرد في القرارات والمركزية وضعف وتفرد الادارة هو من من اهم المشكال التي مرت بها ولا اعلم لماذا لم يتم تحقق من السياسات المتبعة او تجريبها على الاقل.
ومن العوامل الاخرى التي تسبب فشل الشركات:
A.  ضعف ادارة الشركة وعدم كفاءتها
B.  سياسات غير مناسبة للأوضاع المحيطة
C.  سياسات فاشلة في ادارة التدفقات
D. خسائر تراكمية
E.   واستخدام تكنولوجيا متطورة جدا ولكن غير مطلوبة او استخدام تكنولوجيا متخلفة جدا لا تلبي احتياجات الشركة بحجة ضغط التكاليف 
           
سابقا اعتبر اهم معيار للنجاح هو المبيعات والارباح لكن اليوم اصبح هنالك معايير اخرى مثل تكيف مع الظروف المحيطة وادارة الحكيمة تتسم ببعد النظر واتخاذ القرارات بشكل جماعي، وكلما كانت الإدارة لامركزية بعيدة عن تفرد شخص واحد بالإدارة كانت اقوى ومستقبلها واضح اكثر وتضمن استمرارية ونجاح الشركة وتحقيق رسائلها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق